کد مطلب:109984 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:136

نامه 027-به محمد بن ابوبکر











ومن عهد له علیه السلام

إلی محمد بن أبی بكر - رضی الله عنه - حین قلّده مصر:

فَاخْفِضْ لَهُمْ جَنَاحَكَ، وَأَلِنْ لَهُمْ جَانِبَكَ، وَابْسُطْ لَهُمْ وَجْهَكَ، وَآسِ بَیْنَهُمْ فِی اللَّحْظَةِ وَالنَّظْرَةِ، حَتَّی لاَ یَطْمَعَ الْعُظَمَاءُ فِی حَیْفِكَ لَهُمْ، وَلاَ یَیْأَسَ الضُّعَفَاءُ مِنْ عَدْلِكَ عَلَیْهِمْ. فَإنَّ اللهَ تَعَالَی یُسَائِلُكُمْ مَعْشَرَ عِبَادِهِ عَنِ الصَّغِیرَةِ مِنْ أَعْمَالِكُمْ وَالْكَبِیرَةِ، وَالظَّاهِرَةِ وَالْمَسْتُورَةِ، فَإِنْ یُعَذِّبْ فَأَنْتُمْ أَظْلَمُ، وَإِنْ یَعْفُ فَهُوَ أَكْرَمُ. وَاعْلَمُوا عِبَادَ اللهِ، أَنَّ الْمُتَّقِینَ ذَهَبُوا بِعَاجِلِ الدُّنْیَا وَآجِلِ الْآخِرَةِ، فَشَارَكُوا أَهْلَ الدُّنْیَا فِی دُنْیَاهُمْ، وَلَمْ یُشَارِكُو أَهْلُ الدُّنْیَا فِی آخِرَتِهِمْ; سَكَنُوا الدُّنْیَا بَأَفْضَلِ مَا سُكِنَتْ، وَأَكَلُوهَا بِأَفْضَلِ مَا أُكِلَتْ، فَحَظُوا مِنَ الدُّنْیَا بِمَا حَظِیَ بِهِ الْمُتْرَفُونَ، وَأَخَذُوا مِنْهَا مَا أَخَذَهُ الْجَبَابِرَةُ الْمُتَكَبِّرُونَ، ثُمَّ انْقَلَبُوا عَنْهَا بِالزَّادِ الْمُبَلِّغِ، وَالْمَتْجَرِ الرَّابِحِ، أَصَابُوا لَذَّةَ زُهْدِ الدُّنْیَا فِی دُنْیَاهُمْ، وَت َیَقَّنُوا أَنَّهُمْ جِیرَانُ اللهِ غَداً فِی آخِرَتِهِمْ، لاَ تُرَدُّ لَهُمْ دَعْوَةٌ، وَلاَ یَنْقُصُ لَهُمْ نَصِیبٌ مِنْ لَذَّة. فَاحْذَرُوا عِبَادَ اللهِ الْمَوْتَ وَقُرْبَهُ، وَأَعِدُّوا لَهُ عُدَّتَهُ، فَإِنَّهُ یَأْتِی بِأَمْرٍ عَظِیم، وَخَطْبٍ جَلِیلٍ، بِخَیْرٍ لاَ یَكُونُ مَعَهُ شَرٌّ أَبَداً، أَوْ شَرٍّ لاَ یَكُونُ مَعَهُ خَیْرٌ أَبَداً، فَمَنْ أَقْرَبُ إِلَی الْجَنَّةِ مِنْ عَامِلِهَا! وَمَنْ أَقْرَبُ إِلی النَّارِ مِنْ عَامِلِهَا! وَأَنْتُمْ طُرَدَاءُ الْمَوْتِ، إِنْ أَقَمْتُمْ لَهُ أَخْذَكُمْ، وَإِنْ فَرَرْتُمْ مِنْهُ أَدْرَككُمْ، وَهُوَ أَلْزَمُ لَكُمْ مِنْ ظِلِّكُمْ، الْمَوْتُ مَعْقُودٌ بِنَوَاصِیكُمْ، وَالدُّنْیَا تُطْوَی مِنْ خَلْفِكُمْ. فَاحْذَرُوا نَاراً قَعْرُهَا بَعِیدٌ، وَحَرُّهَا شَدِیدٌ، وَعَذَابُهَا جَدِیدٌ، دَارٌ لَیْسَ فِیها رَحْمَةٌ، وَلاَ تُسْمَعُ فِیهَا دَعْوَةٌ، وَلاَ تُفَرَّجُ فِیهَا كُرْبَهٌ. وَإِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ یَشْتَدَّ خَوْفُكُمْ مِنَ اللهِ، وَأَنْ یَحْسُنَ ظَنُّكُمْ بِهِ، فَاجْمَعُوا بیْنَهُمَا، فَإِنَّ الْعَبْدَ إِنَّمَا یَكُونُ حُسْنُ ظَ نِّهِ بِرَبِّهِ عَلَی قَدْرِ خَوْفِهِ مِنْ رَبِّهِ، وَإِنَّ أَحْسَنَ النَّاسِ ظَنّاً بِاللهِ أَشَدُّهُمْ خَوْفاً لله. وَاعْلَمْ ـ یَا مُحَمَّدُ بْنَ أَبِی بَكْرٍ ـ أَنِّی قَدْ وَلَّیْتُكَ أَعْظَمَ أَجْنَادِی فِی نَفْسِی أَهْلَ مِصْرَ، فَأَنْتَ مَحْقُوقٌ أَنْ تُخَالِفَ عَلَی نَفْسِكَ، وَأَنْ تُنَافِحَ عَنْ دِینِكَ، وَلَوْ لَمْ یَكُنْ لَكَ إِلاَّ سَاعَةٌ مِنَ الدَّهْرِ، وَلاَ تُسْخِطِ اللهَ بِرِضَی أَحَد مِنْ خَلْقِهِ، فَإِنَّ فِی اللهِ خَلَفاً مِنْ غَیْرِهِ، وَلَیْسَ مِنَ اللهِ خَلَفٌ فِی غَیْرِهِ. صَلِّ الصَّلاَةَ لِوَقْتِهَا الْمُوَقَّتِ لَهَا، وَلاَ تُعَجِّلْ وَقْتَهَا لِفَرَاغ، وَلاَ تُؤْخِّرْهَا عَنْ وَقْتِهَا لِإِشْتِغَالٍ، وَاعْلَمْ أَنَّ كُلَّ شَیْءٍ مِنْ عَمَلِكَ تَبَعٌ لِصَلاَتِكَ. ومنه: فَإِنَّهُ لاَ سَوَاءَ، إِمَامُ الْهُدَی وَإِمَامُ الرَّدَی، وَوَلِیُّ النَّبِیِّ وَعَدُوُّ النَّبِیِّ، وَلَقَدْ قَالَ لِی رَسُولُ اللهِ صَلَّی اللهُ عَلَیْهِ وَآلِهِ: (إِنِّی لاَ أَخَافُ عَلَی أُمَّتِی مُؤْمِناً وَلاَ مُشْرِكاً، أَمَّا الْمُؤمِنُ فَیَمْنَعُهُ اللهُ بِإِیمَانِهِ، وَأَمَّا الْمُشْرِكُ فَیَقْمَعُهُ اللهُ بِشِرْكِهِ. لكِنِّی أَخَافُ عَلَیْكُمْ كُلَّ مَنَافِقِ الْجَنَانِ، عَالِمِ اللِّسَانِ، یَقُولُ مَا تَعْرِفُونَ،وَیَفْعَلُ مَا تُنْكِرُونَ).